مقدمة:
يتعرض الطفل في حياته للكثير من التجارب والخبرات المتنوعة وقد يتحتم عليه خوض بعض التجارب القاسية وغير المرغوب فيها، والتي قد تتسم بالتحدي والقسوة والصعوبة بالنسبة له، مما قد يعرضه لزعزعة التوازن والاستقرار النفسي والجسمي، وبالتالي يسبب له بعض الاضطرابات النفسية نتيجة تعرضه لضغوط بشكل مستمر مع عدم معرفته كيف يواجهها، وقد يظهر ذلك في صور من الشعور بالإنهاك أو الإرهاق والحالات الانفعالية المبالغ فيها؛ لذا فإن تعلم أساليب وطرق واستراتيجيات مواجهة الضغوط النفسية هي من الأمور التي لقيت اهتماما كبيرا في الوقت الحالي من قبل أخصائيي الصحة النفسية والمهتمين بها.
تعريف الضغوط النفسية:
يمكننا تعريفها إجرائيا بأنها حالة من عدم التوازن بين المطالب البيئية الخارجية وبين قدرة المرء على التكيف، واتخاذ رد فعل مناسب.
يعد مصطلح الضغط من المصطلحات القديمة في مجال العلوم الطبيعية ولكنه من المصطلحات الحديثة في مجال العلوم الانسانية عامة وعلم النفس خاصة.
بدأ استخدام كلمة stress حديثا في العلوم الإنسانية ليشير إلى تلك القوة التي تؤثر على الطفل، وتسبب له بعض المتغيرات النفسية مثل التوتر والضيق وبعض المتغيرات العضوية والفسيولوجية.
(مجلة البحث العلمي في التربية: التدريب على بعض مهارات الذكاء الانفعالي)
ويعرف الضغط النفسي عند الأطفال بأنه:
حالة من عدم التوازن الناجم عن تعرض الطفل لانفعالات نفسية سيئة تتسم بالقلق والتوتر والضيق والتفكير المرهق في أحداث ومواقف حياتية تعرض لها في الماضي أو يعيشها في الحاضر أو يخشى حدوثها في المستقبل وتسبب اضطرابات فسيولوجية ضارة.
أما عن مفهوم مواجهة الضغوط النفسية فمن الممكن تعريفه بأنه:
مجموعة الوسائل والطرق التي تسهل عملية التكيف مع المواقف والمثيرات الخارجية البيئية.
أو هي: عملية تعلم بعض الأنماط السلوكية التي يبذل الفرد جهدا في سبيل اكتسابها، لحل المشكلة، وبالتالي إمكانية السيطرة عليها وضبطها والتحكم بها.
ومن أهم طرق مواجهة الضغوط النفسية:
تنمية الوعي الذاتي ويتم ذلك بتدريب الطفل على السيطرة على مشاعره وانفعالاته وضبطها من خلال وعيه بحقوقه وواجباته.
فمثلا تقوم الأم بتوعية الطفل وتدريبه كيف يتحكم في شعوره بالغضب:
- بأن يأخذ نفسا عميقا،
- أن يغير وضعه فيجلس إن كان قائما أو يرقد إن كان قاعدا.
- أن يتوضأ، ليطفئ نار الغضب.
- أن يتدرب على كظم _حبس_ شعوره بالغيظ عن طريق تعريفه بمعنى الصبر.
- التدريب على معالجة شعوره الداخلي بالضيق والغضب عن طريق التماس العذر لأخيه، ومكافأته عند فعل ذلك بشيء رمزي، وأن نبشره بأنه بإذن سيناديه الله أمام كل الخلائق ويكافئه على هذا العمل الرائع.
الوقاية والعلاج:
- تنمية الاهتمامات الشخصية، كالاشتراك بالأنشطة والفعاليات البديلة التي تأخذ الطفل بعيدا عن أجواء الضغوط.
- التمارين الرياضية والأنشطة البدنية من الوسائل الفعالة لمساعدة البيئة الجسمية للطفل على التعامل مع الضغوط المختلفة والتكيف معها.
- مساعدة الطفل في تحليل وفهم الأحداث والوقائع التي يمر بها بشكل سلبي وتفسيرها بطريقة تساعده على التوافق، فكل ما أصابنا هو خير: لأنه اختيار الله عز وجل لنا وهو خالقنا الذي يحبنا، ويعطينا كل النعم، فنحن وإن تألمنا فقد تعلمنا من هذا الموقف كذا وكذا، والحرص على التطبيق العملي والسلوكي: لحديث النبي ﷺ "عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذلك إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له"
أضرار الضغوط النفسية على الصحة الجسمية:
للضغوط النفسية الكثير من الآثار الجانبية، والتي يمكننا تجنبها باتباع إرشادات الوقاية السابقة بإذن الله، وللتنبيه ولفت الانتباه لخطورة هذه الضغوط سنذكر طرفا من هذا الأثر، فهي قد تعود على الطفل بالضرر البالغ على حالته الصحية: حيث إن الإجهاد والضغوط المختلفة، تؤثر على العضلات المختلفة في جسم الطفل التي تستجيب بدورها إلى الانفعالات والتوتر والاجهاد بالتشنجات العضلية والشد العضلي الذي يمكن أن يكون التغلب عليه صعبا، خاصة في منطقتي الكتفين والرقبة، مما قد يؤدي إلى ظهور أعراض مزمنة كالصداع المزمن أو مشاكل المعدة والأمعاء، أما الأوعية الدموية والقلب فإنها تتأثر بشكل بالغ على المدى الطويل بارتفاع نبضات القلب، وارتفاع إنتاج هرمونات التوتر والخلل في مستوى ضغط الدم.
مظاهر الضغوط النفسية عند الاطفال:
تظهر أعراض عديدة على الطفل الذي يعاني الضغوط النفسية منها:
- اضطرابات المشاعر: مثل الخوف والقلق والاكتئاب والفزع والشعور بالنقص والغيرة والحقد والخجل والخوف من المدرسة
- الاضطرابات الجسمية مثل فقدان الشهية والاضطرابات المعوية واضطرابات الإخراج والتبول اللاإرادي واضطرابات الحواس واضطرابات الوظائف الحركية واضطرابات الكلام مثل تأخر الكلام والتلعثم والثأثأة
- إصابته بالنزعات العصبية مثل قضم الأظافر ومص الأصبع واللزمات الحركية.
- اضطرابات النوم المختلفة مثل المشي أثناء النوم والبكاء قبل النوم أو أثناء النوم أو مص الأصابع أثناء النوم وكثرة النوم والأحلام المزعجة والمخاوف الليلية وقرض الأسنان أثناء النوم.
- انحرافات سلوكية مثل الكذب والسرقة والانحرافات الجنسية.
- التأخر الدراسي وهومن أهم آثار الضغوط النفسية على الطفل، وقد يكون تأخرا دراسيا عاما في كل المواد الدراسية، وقد يكون تأخرا دراسيا خاصا في مادة دراسية معينة.
أنواع الضغوط:
فيما يلي وصف لثلاثة أنواع من الضغوط حددها المجلس العلمي العالمي لنمو الطفل بناء على نتائج بحوث علمية:
- الضغط الإيجابي ومنه الضغوط الناجمة من الخبرات غير المناسبة التي يتعرض لها الطفل، وعادة ما تكون مدة بقائها لديه قصيرة، ومن الأمثلة على ذلك حينما يقابل الطفل أشخاصا غرباء أو حينما تؤخذ منه دميته، يسبب هذا النوع من الضغط تغيرات فسيولوجية مثل زيادة ضربات القلب وتغيرات في مستويات إفراز الهرمونات، وبقليل من المساندة لهذا الطفل من الوالدين يمكن له أن يتعلم كيفية إدارة هذا النوع من الضغط والتغلب عليه.
- الضغط المحتمل ويشير هذا النوع من الضغط إلى خبرات تكون أكثر حدة غير أن مداها في الاستمرار ما زال قصيرا: مثل وفاة أحد المقربين أو الكوارث الطبيعية أو حادث مخيف أو الطلاق بين الوالدين، وإذا حصل الطفل على مساندة من الراشدين فعادة ما يتغلب على هذا النوع من الضغط.
- الضغط السٌّمِّي يحدث هذا النوع من الضغط نتيجة لخبرات حادة غير مناسبة يمكن أن تؤثر على الطفل لفترة طويلة من الزمن قد تصل إلى أسابيع أو شهور أو سنوات، ومن الأمثلة على ذلك تعرض الطفل لإساءة المعاملة والقسوة الشديدة أو الإهمال، أو الاعتداء الجنسي، ولأن الطفل لا يمكنه إدارة هذا النوع من الضغط والتغلب عليه، فإن الاستجابة له تدوم مدة طويلة، مما يؤدي إلى تغيرات دائمة في نمو الدماغ، ويمكن التقليل من هذه الآثار بدعم ومساندة الراشدين.
أسباب الضغوط النفسية عند الأطفال:
البيت:
يمكن أن يحدث الضغط لدى الأطفال نتيجة ضعف المعرفة أو الأمية التربوية للوالدين، وجهلهما بطبيعة الطفل وطبيعة المرحلة العمرية التي يمر بها، غياب النظرة الإيجابية المتفائلة للحياة والأحداث، أو التغيير في وضع الاسرة أو المشكلات الاقتصادية أو النزع الأسري، الأمراض الحادة والمزمنة لأحد أفراد الاسرة أو سوء التغذية.
الروضة:
يمكن أن يتولد الضغط عند الطفل من الانفصال المفاجئ عن والدته وأسرته، وعدم تهيئته والحوار معه حول هذا التغيير المهم في حياته، الفصول غير المنظمة أو الخوف من العقاب القاسي في الروضة عند وقوعه الخطأ.
العلاقات مع الرفاق:
يمكن أن يحدث الضغط لدى الطفل نتيجة تغيير المدرسة أو التعرض للتنمر من بعض الرفقاء.
إضاءات المربي:
ويمكن مساعدة الطفل الذي يعاني الضغوط النفسية عن طريق:
- تدريب الطفل على كيفية التنفس العميق، لأن ذلك يمكن أن يزيد من كمية الأكسجين التي تصل إلى الدماغ مما يساعد على الحد من نشاط الهرمونات التي تساعد على زيادة ظهور أعراض الضغط النفسي.
- التحدث مع الطفل حول كيفية السيطرة على مجريات حياته وأحداثها فان ذلك يمكن ان يساعده على التعرف على المواقف التي لا يمكن السيطرة عليها، وبذلك يمكن ان يجري التغييرات في حياته كي يتخلص من مسببات الضغوط النفسية.
- توعية الطفل بردود الأفعال الجسمية للضغوط النفسية، وبخاصة في مراحلها الأولى مثل تعرق الأصابع أو اهتزاز الجفون فإن معرفة ذلك يساعد ولي الأمر على وضع خطة لما يجب فعله عندما تظهر هذه الأعراض على الطفل مما يجعل الضغط النفسي تحت السيطرة.
- منح الطفل وقتا للراحة والاسترخاء للتعبير عن مشاعره فالاسترخاء العائلي عنصر مهم في المحافظة على صحة الطفل والعائلة على حد سواء.
- تدريب الطفل وتعريفه معنى الصبر، فهو :
- حبس اللسان فلا يتكلم بألفاظ لا تليق.
- حبس الشعور بالضيق وعدم الرضا، مع ضرورة تعليمه أن من حقه التعبير عن شعوره بالألم أو الحزن بطريقة مهذبة: كالشكوى للمسئول عنه في ذلك المكان، أو حتى التعبير بالرسم والتلوين والكتابة، كما قال ﷺ "إن العين تدمع والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون"
- حبس يده ورجله عن أن يضرب أو يؤذي.
وهذا المعنى يصل إلى الطفل من خلال تطبيقك العملي أيها المربي
المراجع:
- (مجلة البحث العلمي في التربية: التدريب على بعض مهارات الذكاء الانفعالي)
- كتاب الضغوط النفسية وطرق التعامل معها في القرآن الكريم: د جميل حسن الطهراوي
- استيراتيجيات التعامل مع الضغوط النفسية (الكوبين) وعلاقتها بمستوى القلق والاكتئاب لدى المعاقين: بغيجة لياس
- د صالح أحمد الخطيب مدير مركز الارشاد النفسي واستاذ علم نفس جامعة العين للعلوم والتكنولوجيا.
التعليقات
http://hcialischeapc.com/ - purchase cialis
<a href=https://vslevitrav.com/>non prescription levitra
<a href=https://sscialisvv.com>cialis 5mg
<a href=http://gcialisk.com/>cialis without prescription</a>
<a href=http://cialiswwshop.com/>non prescription cialis online pharmacy</a>